الشرق القطرية:لماذا ظل الموقف من نصرة القدس مجرد شعارات؟

  خبر الصدارة، أخبار خاصة، العرب   منذ 4 سنوات   شارك:

تحت عنوان لماذا ظل الموقف من نصرة القدس مجرد شعارات؟

كتبت: هاجر العرفاوي في جريدة الشرق القطرية

مع استمرار الكيان الإسرائيلي في سياسة التهويد والإستيطان

الدول العربية لم تحقق أي إنجاز سياسي أو قانوني لصالح القدس

مثلت مدينة القدس رمزا وأساسا في القضية الفلسطينية علي مر التاريخ، فبمجرد انتهاء الانتداب البريطاني في فلسطين عام 1948، استغلت العصابات الصهيونية حالة الفراغ السياسي والعسكري في البلاد وأعلنت قيام الدولة الإسرائيلية الوليدة، عاصمتها القدس الغربية في 3 ديسمبر 1948، في حين بقيت القدس الشرقية خاضعة لسيادة الأردن حتى هزيمة يونيو 1967، التي شهدت حربا استغرقت ستة أيام بين العرب و إسرائيل تاركة بصماتها على أرض الواقع حتى يومنا الراهن، وضمت على إثرها القدس بأكملها لسلطة الاحتلال الإسرائيلي، لتعلن في عام 1980 القدس عاصمة موحدة وأبدية للبلاد.
ولاتزال القدس تُشكل قضية جوهرية في الصراع العربي الإسرائيلي، رغم إقرار الحكومة الإسرائيلية بناء وحدات استيطانية على الدوام في حارات وأحياء في البلدة القديمة يسكنها مسلمون وتحتوي مقدسات إسلامية، بهدف رفع عدد اليهود في القدس الشرقية، لكنها ستظل مدينة عربية إسلامية، وعاصمة أبدية لدولة فلسطين المستقلة.

* عاصمة فلسطين الأبدية

رغم المحاولات الإسرائيلية لطمس الحقائق على أرض الواقع، شكلت القدس نقطة انطلاق دائمة لانتفاضات الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال، حيث يؤكد الفلسطينيون على الدوام أحقيتهم بالقدس، وأنها العاصمة الأبدية لدولة فلسطين المستقلة، من خلال المقاومة الصامدة لإفشال مخططات الاحتلال وتحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة والتشبت بالحقوق المسلوبة حتى استعادتها بالكامل، وتنظيم مسيرات العودة الكبرى.
ويبقى الوضع في القدس متأججا، لاسيما مع كل إجراء إسرائيلي يهدف إلى تهويد المدينة وتغيير وضعها التاريخي، فلاتكاد الاحتجاجات الفلسطينية تهدأ في كل مرة حتى تشتعل من جديد، منذ العام 1967، وآخرها في مايو الماضي، حيث قامت القوات الإسرائيلية بتهجير عدد من الأسر الفلسطينية من حي الشيخ جراح في القدس، واقتحام المسجد الأقصى خلال الأيام العشر الأخيرة من شهر رمضان.
وتسعى دولة الكيان الاسرائيلي بكل السبل لتهويد القدس وهي تزعم أنها عاصمة الشعب اليهودي منذ 3000 عام وعاصمة إسرائيل منذ نحو 73 عاما، دون أن تفوت مناسبة للتأكيد على أنها موحدة بشطريها الغربي والشرقي. ومنذ احتلالها بما فيها من مقدّسات، أعلنت إسرائيل ضمّ عدد من الأحياء والحارات قسرا تحت شعار القدس الموحدة، وبدأت بتنفيذ مشاريع إضفاء الشرعية "الإسرائيلية" على الأرض المحتلة، من خلال البرامج الاستيطانية التي سبقتها إجراءات مصادرة أرض عرب القدس، والاستمرار في هدم منازل الفلسطينيين وتشريدهم ووضع أساسات الأحياء اليهودية في القدس الشرقية لتقام عليها سلسلة من المستوطنات تحيط بالمدينة من جميع الجهات، وأسكنت مستوطنين فيها بهدف إقامة واقع جغرافي وديمغرافي وإحداث خلخلة سكانية في القدس العربية.

وبعد أن كان سكان القدس يشكلّون أغلبية في العام 1967، أصبحوا بعد عمليات المصادرة وبعد إقامة المشاريع الاستيطانية يقيمون على حوالي 20% فقط من الأراضي، وقامت قوات الاحتلال، منذ ذلك التاريخ وفقاً للأمم المتحدة، بتدمير نحو 20 ألف منزل فلسطيني في القدس. ولاتزال تعمل على تغيير الواقع الديمغرافي والجغرافي للمدينة، ضاربة بالمواثيق والأعراف الدولية عرض الحائط، متجاهلة جميع قرارات مجلس الأمن، مستمرة في محو الهوية العربية الإسلامية للقدس تحت ذريعة تطوير السياحة في إطار ما يعرف بمشروع "زاموش" منذ العام 2002، فضلا عن العمليات المنظمة لاقتحام المسجد الأقصى وتقسيمه مكانيا وزمانيا واحتلال وهدم المزيد من بيوت المقدسيين وطردهم تعسفيا منها.

وبعد قرارمجلس الأمن عام 1980، رقم 478 الذي طالب جميع الدول الأعضاء بسحب ما تبقى من سفاراتها من مدينة القدس، جاء قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مطلع ديسمبر 2017، القاضي بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، ليمنح إسرائيل الضوء الأخضر لمواصلة محاولاتها محو الوجود التاريخي والسياسي والثقافي للمدينة، بل ويمنحها الفرصة لتهويدها بالكامل ومضاعفة انتهاكاتها للحقوق الفلسطينية.
وفي مايو 2018، نقلت الولايات المتحدة سفارتها إلى القدس، تزامنا مع الذكرى السبعين للنكبة الفلسطينية، وأشار ترامب آنذاك الى أن ذلك القرار "كان قد تأخر كثيرا". ورغم أن الكونغرس الأمريكي أقر في عام 1995، قانونا ينص على "وجوب الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل"، ويطالب بنقل السفارة، إلا أنه يتضمن بندا يسمح للرؤساء بتأجيل نقلها كل ستة أشهر لحماية "مصالح الأمن القومي"، وهو ما قام به فعليا الرؤساء الأمريكيون المتعاقبون، بدءا من بيل كلينتون وبعده جورج دابليو بوش وصولا الي باراك أوباما، اذ دأبوا بصورة منتظمة على توقيع أمر تأجيل نقل السفارة مرتين سنويا.
وأثار اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها إليها، غضبا فلسطينيا وعربيا ودوليا واسعا، ووصف رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، القرار بأنه "صفعة القرن". ولطالما حذرت دول عربية وإسلامية وغربية ومؤسسات دولية، من تداعيات القرار الذي قد يشكل خطورة على الأمن والاستقرار في المنطقة وتقويضا لعملية السلام المتوقفة منذ عام 2014.

* الموقف العربي والدولي

وطوال السنوات الماضية، لم يتغير موقف المجتمع الدولي من قضية القدس، فالأمم المتحدة لم تعترف باحتلال وضم القدس الشرقية، واعتبرتها منطقة محتلة. وفي عام 1980، أصدر مجلس الأمن القرار رقم 478 الذي نص على أن إسرائيل خرقت قانونًا دوليًا وطالب جميع الدول الأعضاء بسحب ما تبقى من سفاراتها من القدس، وآنذاك كان هناك 13 سفارة، وهي سفارات بوليفيا وتشيلي وكولومبيا وكوستاريكا وجمهورية الدومينيكان والإكوادور والسلفادور وغواتيمالا وهايتي وهولندا وبنما والأوروغواي وفنزويلا، وقامت هذه الدول استنادا للقرار، بنقلها إلى تل أبيب حيث توجد سفارات الدول الأخرى.
ودعت قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، وأبرزها القرار 242 و 252 و267 و446 و2334، إلى انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلّتها، ومن بينها القدس، وبطلان الإجراءات الإسرائيلية الأحادية في الأراضي المحتلة، بما في ذلك إقامة المستوطنات وتغيير وضع مدينة القدس وطابعها.    

لكن رغم قرارات الشرعية الدولية تلك، واتفاقيات السلام العربية من كامب ديفيد إلى أوسلو إلى وادي عربة، لم يتحقق أي إنجاز سياسي أو قانوني يُذكر لحماية المدينة والمحافظة على طابعها. وظل الموقف العربي تجاه القضية مجرد شعارات بين الاستنكار والتنديد باعتداءات قوات الاحتلال، ولم يكن له دور حقيقي في التأثير على سياسات إسرائيل تجاه القدس والأقصى منذ عام 1967 حتى الوقت الراهن، رغم الاعتراف بالجهود الدبلوماسية الدولية في استصدار القرارات والإدانات وتطبيق المقاطعة منذ العام 1948 حتى عام 1993، وكذلك ما يتعلق بعدم تحقيق الاعتراف الدولي بضم القدس لإسرائيل أو الاعتراف بأنها عاصمة لها، بينما تستمر إسرائيل في سياسات التهويد والاستيطان في قلب المدينة ومحيطها وتوسيع حدودها الجغرافية وضم الجزء الشرقي منها مع الغربي، وتفريغها من السكان العرب المسلمين والمسيحيين على حد سواء عِبر مشاريعها المتتالية غير آبهةٍ بمواقف جامعة الدول العربية، ولا منظمة المؤتمر الإسلامي، ولا مجلس الأمن الدولي، ولا الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولا القانون الدولي.

* مسار التطبيع

ورغم أن العالم لم يعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، لكن بعض الحقائق بدأت تتجلى بوضوح، من خلال دعم بقاء إسرائيل عبر تطبيع العلاقات وتوقيع اتفاقات السلام إلى حد التحالف. و بات مسار التطبيع المتنامي الذي أصبحت تتسارع إليه بعض الدول العربية، خيانة وطعنة في ظهرالقضية والشعب الفلسطيني. وبدأ هذا المسار نهاية سبعينيات القرن الماضي، لكنه ظل فاترا وضيق الحدود تهيمن عليه قضايا اقتصادية وأمنية فرضتها الجغرافيا غالبا، حتى العام 2020، حيث لعبت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، أوراقها الضاغطة والمقايضة لبعض الدول التي تواجه تهديدا لمصالحها القومية، مما ينصب في مصلحة إسرائيل والولايات المتحدة.
إن تخلي أكثر الدول العربية تأثيرا في المنطقة عن دعمها لفلسطين، ومنح نقاط قوة لإسرائيل من خلال تطبيع العلاقات معها، يعد تغييرا إستراتيجيا هاما وخطيرا في المنطقة العربية، وإضعافا لموقف القضية الفلسطينية.



السابق

أحياء بلدة سلوان يعيش فيها نحو 7500 مقدسي موزعين على 6 أحياء هدم وتهجير ومصادرة بيوت

التالي

إسرائيل تفعل المستحيل لفرض واقع جديد على الأرض في القدس لا يمكن تغييره في المستقبل


أخبار متعلّقة

ما رأيك؟

قواعد المشاركة

نريدك أن تكون مصدرًا لزملائك من القراء ونأمل أن تستخدم قسم التعليقات لإجراء ذلك. لقد صممناها لرفع وتوسيع الاستجابات الأكثر ذكاءً وإدانةً ، وتقليل أو إخفاء الأسوأ. هذه هي قواعد الطريق:

 

ابقى في صلب الموضوع

عند تقديم تعليق ، لا تخرج عن الموضوع. لا تعلق على المعلقين الآخرين أو معتقداتهم السياسية المفترضة. ناقش مزايا القصة نفسها. لا تنشر تومي. هذا ليس المكان المناسب لصق فصل من رسالتك (أو أي شخص آخر) أو ورقة بيضاء.
أظهر الإحترام.
نحن نشجع ونقدر النقاش العميق. ما عليك سوى التأكد من أنه عندما لا تتفق مع فرضية القصة أو أي معلق آخر ، فإنك تفعل ذلك بطريقة محترمة ومهذبة.

 

كن مهذبا وحافظ على نظافته

نحن نغطي التكنولوجيات الجديدة موقعنا ليس منفذاً للفظاظة. نحن لا نتسامح مع الإهانات الشخصية ، بما في ذلك استدعاء الأسماء أو العنصرية أو التمييز الجنسي أو الكلام الذي يحض على الكراهية أو الفحش. هذا يعني أنه لا توجد أي ملاحظات بذيئة أو مسيئة أو مضايقة أو تنمر. إذا لم تكن مدنيًا ومهذبًا ، فلا تنشره.


تجاهل المتصيدون

أفضل رد على القزم - شخص ما يتكرر عدائيًا واستفزازًا - ليس ردًا. من فضلك لا تشجع السلوك السيئ عن طريق الاستجابة ؛ انها لا تخدم سوى لسرور المتصيدون والبيض عليها. إذا كان هناك شخص ما يسيء استخدام موضوع مناقشة ، فأبلغ عن أي تعليقات مسيئة ، وسنتناول الموقف.

 

كن مسؤولاً وأصيلاً

انشر آرائك فقط بكلماتك الخاصة. أنت مسؤول عن المحتوى الذي تنشره.

 

لا تنشر رسائل غير مرغوب فيها أو إعلانات

إذا لم يكن لديك عقد إعلان معنا ، فإن هذا الموقع الإلكتروني ليس عبارة عن لوحة إعلانات لنشاطك التجاري. لا تنشر محتوى غير مرغوب فيه أو محتوى ترويجي ذاتي أو حملات إعلانية. لا ضغط أو تجنيد أو استجداء.

 

نقرأ التعليقات

على الرغم من أن مجالس مناقشاتنا لا تخضع للإشراف الرسمي ، إلا أننا نولي اهتمامًا وثيقًا بها. نحتفظ بالحق في تعديل أو حذف التعليقات التي لا تلبي معاييرنا.

 

نحن نحظر الأعضاء الفاضحين

إنه ليس شيئًا نتمتع به. ولكن عند الضرورة ، سنحظر الأعضاء الذين لا يلتزمون بهذه الإرشادات.

 

شكرا على اتباع هذه المبادئ التوجيهية.